هذا النمط الريفي والنشاط الفلاحي فرض على السكان ان يقطنوا المناطق شبه النائية والتي تكاد تكون معزولة عن بعضها البعض مما جعل الحرمان ملازما لهم. وقد كانت جولتنا في أرياف سليانة الجنوبية مثل منطقة اولاد زناق واولاد بن عبدة والعمارصية والهدايات والقابل وكهف شعيب وسيدي مرشد والزرايبة تلك الربوع المتاخمة لبعضها ورغم القرب فان المرور من ريف الى اخر يكاد يكون مستحيلا فهذا مسلك ضيق واخر اصابه الانجراف واخر تحول الى مجرى مياه وحتى وان تم العثور على طريق فان الحذر لابد ان يكون ملازما خوف سقوط مفاجىء في هاوية اوفي حفرة عميقة.

المسالك الوعرة او غيابها ليست العائق فجل المتساكنين لتلك المناطق يتزودون من مياه العيون والينابيع والابار ليتم استعمالها في ظروف غير صحية وهو ما يعود بالسلب على صحة المواطن ويعمق مأساة جل متساكني تلك الربوع بعد المستشفيات او مراكز التمريض فكم من امرأة توفيت وجنينها وكم من مريض فارق الحياة حتى اضحى من المعتاد ان يتم سماع خبر مفاده ان احدهم توفي بسبب بعد المسافة بين منزله والمستشفى اوان اخر قضى نحبه لان رداءة الطريق حالت دون اسعافه.

غياب المسلك والطرقات ورداءة بعضها وافتقار عدة ارياف الى النور الكهربائي عمقت من ماساة الاهالي والملاحظ ان جل ارياف ولاية سليانة عادة ما تزخر بموارد طبيعية فالمياه متوفرة والترية الخصبة تمتد على جل المناطق وباطن الارض يكتنز ثروات طبيعية هامة يمكن ان تحول جلها الى مناطق استثمار لكن في ظل غياب المرافق الاساسية وغياب البنية التحتية يجعل من هذا الامر شبه مستحيل ليظل متساكنو تلك المناطق يشكون الفاقة ..

المصدر: مكتب الشروق_سليانة